تشهد الألفية
الثالثة هجمة ممنهجة وشرسة على حقوق
الطبقة العاملة ومكتسبات عموم الشغيلة المغربية بإعمال كافة أساليب التعسف والشطط
من خلال فك الإعتصامات بالقوة ومنع الإضرابات وتشريد وطرد العمال، وتزايد
الاعتقالات، استهدافا للحركة النقابية وتضييقا عليها.
وبالرغم من
الادعاءات التي بات البعض يروج لها بأن المغرب قد ولج دولة الحق والقانون
والديمقراطية الاجتماعية، لايزال العديد من العمال بمختلف القطاعات الإنتاجية
وغيرها، يتعرضون لمختلف أشكال القمع والطرد والتشريد، تجسيدا لقمة الظلم الاجتماعي
واستغلال السلطة والنفوذ.
وكقوى نقابية
وطنية بقطاع الثقافة نحيي ونساند نضال المنظمات النقابية الجادة التي تندد وتناضل من
أجل تحسين الوضع المأساوي الذي تعيشه كافة الشغيلة، ولا زالت على العهد نضالا
ووفاء بحقوق الطبقة العاملة.
ووعياً منهما بضرورة
إعمال العقل النقابي في هذه المرحلة التي تكتسي أهمية بالغة، قطاعيا ووطنيا. الأمر
الذي يتطلب السعي نحو توحيد الجهود بين مختلف القوى النقابية. وهو ما دفعنا في المكتب
الوطني الموحد (ك د ش) والنقابة الديمقراطية للثقافة (ف د ش ) من أجل صياغة استراتيجية
موحدة للرقي بالعمل النقابي وبلورة أفق تنظيمي واعد للدفاع عن الحقوق والمكتسبات،
من أجل رد إعادة الاعتبار للعمل النقابي ليساهم
بدوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة؛
وبما يتوج مسارنا النضالي ومراكمتنا لتجارب ومعارك نضالية مشهودة طيلة العقود
الماضية.
إن الانعطاف
التاريخي الذي سيطبع العمل النقابي بوزارة الثقافة سيكون بلا شك إقدامنا على تنظيم
المؤتمر الاندماجي بين "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل" و"الفيدرالية
الديمقراطية للشغل بقطاع الثقافة"، والذي
سيؤسس لا محالة لمفهوم جديد للنضال النقابي قائم على مبدأ وحدة العمل النقابي،
ممارسةً وفكراً وتنظيماً وقيادةً، بما سيساهم في القطع مع الأشكال السائدة
والمُمتهِنة لنبل النضال من أجل قيم العدالة الاجتماعية.
إن مفهومنا لوحدة العمل النقابي المؤسس لاستراتيجيتنا النضالية سيمكننا من
استثمار فاعلية مناضلينا وكافة أطر وموظفي الوزارة، بما يرقى من مجرد التعاطي معها
باعتبارهما مجرد قوة احتجاجية، لأن يرقى بها إلى مستوى القوة الاقتراحية التي تروم مشاركة حقيقية للجميع في معالجة الملف الاجتماعي
في شموليته، والرهان على الرقي بالفعل الثقافي بجانب القوى الحقيقية التي تناضل من
أجل مشروع ثقافي وطني يدافع عن قيم الحداثة والديمقراطية وضداً عن رغبة البعض الذي
يحاول أن يضبط سؤال الهوية على توقيت غيره.
هذا الشكل الراقي من العمل النقابي الوحدوي يشكل وعيا متجددا بحمولة ومضامين
فكرية تتجاوز سلبيات الماضي التي كان فيها العمل النقابي مطية لبعضهم من أجل
الركوب على تشثيت الصف النضالي وإنهاكه بصراعات جانبية وضيقة، الغرض منها التحكم في
آلية التدبير وتهميش كل الأفكار والأطروحات البديلة المبنية على استقلال القرار المؤسس
على المطالب الحقيقية للشغيلة المغربية، بعيدا عن المزايدات والانتهازية والمصالح الشخصية
والظرفية.
ولعله من الإشارات القوية التي سيصيغها مشروعنا الفكري هو اعتبار خطوة الاندماج
بمثابة أرضية لبناء جبهة نقابية تقدمية تعيد
الاعتبار للعمل النقابي الوطني الذي سجل في بعض لحظاته التاريخية محطات ومواقف كان
لها أثر إيجابي على الوضع الإجتماعي والحقوقي والديمقراطي بالمغرب.
إن التنزيل السليم
لمضامين الأرضية الوحدوية المشتركة للقراءة النقابية للفعل الثقافي على مستوى البناء
والتصور، ودور المؤسسة الوصية على القطاع، أصبح يفرض علينا كنقابتين أن نعيد صياغة
ملف مطلبي مشترك بحمولة نضالية متجددة وموحدة.
كما أن سمات القلق
والارتباك الذين يتسم بهما مشهدنا الثقافي، يدفعنا إلى ضرورة الوقوف كتنظيمات نقابية
لإعادة طرح سؤالنا المركزي عن مدى تملكنا لفهم واحد للشأن الثقافي؟
هكذا، سينعقد مؤتمرنا
الاندماجي هذا تحت شعار "الوحدة والاندماج، تحصين للمكتسبات والرقي بالفعل الثقافي"،
والذي سيسهم في إعادة الوعي للفعل الثقافي بجعله أساسا لكل المشاريع المجتمعية والمقررات
التنظيمية والورقات السياسية لمختلف هيئات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات.
ذلك لأن المجال الثقافي هو قبل كل شيء ذلك الفضاء الرحب الذي تنصهر فيه كل التفاعلات
المجتمعية وتتبلور عبره كل توجهات الفاعلين والقوى السياسية والاجتماعية
والاقتصادية والثقافية، في أفق الرقي بمجتمعنا والتقدم به، نحو حياة قوامها العدل
والمساواة، وأساسها الإنسان كمصدر للفكر والإبداع..
عاشت الوحدة النقابية
|
من إعداد : حسن الأكحل و رضوان الشرقاوي
أعضاء اللجنة التحضيرية
|