أدناه مقتطف من دراسة إقليمية حول حرية التجمع في المنطقة الأوروبية المتوسطية (الجزء الأول: الإطار القانوني)، صدرت عن الشبكة الأوروبية-المتوسطية لحقوق الإنسان في كانون الأول/ديسمبر 2013. الرابط للدراسة كاملة في نهاية المقتطف.
=1= المقدمة
حرية التجمع حق رئيسي في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومنصوص عليه مع حرية تكوين جمعيات في المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد أظهر الربيع العربي في الآونة الأخيرة أهمية ممارسة هذا الحق بالنسبة لحرية التعبير عن قيم ومطالب مشتركة، وكوسيلة أساسية للتأثير على السلطات التي تصنع القرارات.
ولكن عمليات الانتقال والإصلاح السياسي الجارية في دول حوض البحر الأبيض المتوسط كشفت مدى التحديات المتعلقة بممارسة حرية التجمع.
وفي أوروبا، تواجه الاحتجاجات الكبيرة ضد إجراءات التقشف تحديات مهمة، وتسن السلطات التشريعية عقوبات أقسى على المتظاهرين. وتشير التقارير مرارا إلى الإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين، وإجراءات تعسفية تشمل الحرمان من الحرية.
في هذا السياق، اعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الآونة الأخيرة عن قلقه من انتهاكات حرية التجمع. وأخذ بعين الاعتبار الاستنتاجات الواردة في التقرير الأول الذي قدمة المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات (سيشار إليه في المرات القادمة بمقرر التجمع السلمي)[1].
حرية التجمع مهمة للأفراد والمجتمعات من أجل التعبير عن الانتقادات، وإحداث تغيير، حتى (وخاصة) في الدول التي يفتقر نظامها السياسي للمعايير الديموقراطية الأساسية، كما أظهر الربيع العربي.
وكما أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فإن "أحد أهداف حرية التجمع ضمان وجود منبر للنقاش العام، والتعبير المفتوح عن الاحتجاج"[2].
ويجدر بالذكر أنه عندما ترتكب الجهات الفاعلة، الحكومية وغيرها، انتهاكات لحقوق الإنسان، فان إحدى الوسائل الأساسية للمدافعين عن حقوق الإنسان ممارسة حق التجمع، غالبا من خلال احتجاجات سلمية عامة [3].
إضافة إلى ذلك، غالبا ما يشارك نشطاء حقوق الإنسان في مراقبة التجمعات العامة، التي يمكن من خلالها أداء دور مهم كرقيب اجتماعي. على سيبل المثال، مراقبة حفظ أمن التجمعات والتفاعل بين المتظاهرين وآخرين معارضين لهم، وذلك من أجل إبلاغ السلطات عن القضايا المثيرة للقلق بخصوص حماية حرية التجمع [4].
في ضوء هذه الخلفية، غالبا ما يتم تقييد حرية التجميع عشوائيا، بحكم القانون أو الواقع، في كثير من دول المتوسط والعالم، خاصة في الدول التي تحكمها أنظمة متمسكة بالسلطة، بذرائع النظام والسلامة العامين.
ومن الشائع أن تؤكد السلطات أن التجمعات غير سلمية، أو أن تزعم أن منظمي التجمعات لهم نيات عنيفة (كادعاء أنهم أعضاء في منظمة "إرهابية"). ونادرا ما تكون هذه الادعاءات مدعومة بدليل.
إضافة إلى ذلك، وبعيدا عن القيود الرسمية، يتم في بعض الحالات مضايقة أو ترهيب منظمي التجمعات. وفي بعض الحالات التي يتم فيها اعتقال مشاركين في التجمعات، تحدث انتهاكات للحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في الحياة.
ينبغي التأكيد هنا، كما سيلاحظ ويحلل في سياقات عديدة في هذا التقرير، أن النساء لا يتمتعن بحق مساو للرجال في التجمع نتيجة قيود قانونية أو واقعية (بسبب عدم التكافؤ في فرص التعليم والعمل، وعدم التساوي في توزيع الواجبات المنزلية، والقيم الأبوية، والعنف على أساس النوع الاجتماعي (الجندر). هذه العقبات في طريق المشاركة النسائية في الحياة العامة والسياسية، وفي إطار التطبيق العملي لهذه المشاركة، قد تنطوي على خطر جسدي أو نفسي على النساء، يصل أحيانا إلى حد المضايقات والاعتداءات الجنسية.
=2= تعريف: أحد أسس المجتمعات الديموقراطية
تمثل حرية التجمع ركنا مهما لإنشاء مجتمعات تعددية ومتسامحة، لأنها تؤدي غرض السماح بالتعبير عن الآراء والمعتقدات والممارسات السياسية الثقافية والدينية، بما في ذلك الدور المهم المتمثل في التعبير عن آراء الأقليات أو وجهات النظر المختلفة.
ولذلك، هناك صلة وثيقة بين حرية التجمع وحرية التعبير، وهذا ما أكدت عليه مرارا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وخبراء عديدون [5].
ومن الواضح أن حرية التجمع وحرية تكوين جمعيات تعتمدان على بعضهما، وتعزز الواحدة الأخرى (وتطورهما تاريخيا كان جنبا إلى جنب) لأنهما تمثلان دعما لمشاركة الأفراد في الشؤون العامة، وبالتالي الأساس للمجتمعات المدنية وتطورها.
ولا بد من التأكيد أيضا على أن حرية الحصول على معلومات، ودور وسائل الإعلام الاجتماعية لهما علاقة بتحويل حرية التجمع إلى واقع، نظرا لأهمية الأمرين في تعميم المعلومات للإعلان عن التجمعات القادمة وتنظيمها، وكتابة التقارير عند حصولها [6].
إضافة إلى ذلك، لحرية التجمع صلة وثيقة بحقوق سياسية ومدينة أخرى [7]، واعتماد متبادل مع إعلاء شأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تعريف "التجمع" في هذا التقرير هو تجمع متعمد ومؤقت، وقد يكون ثابتا أو متحركا، في مكان عام أو خاص، وله غرض تعبيري مشترك يتجاوز حدود الحيز الخاص لكل فرد مشارك في التجمع [8].
تتضمن حرية التجمع حماية حق التحضير للتجمع، وإقامته، والمشاركة فيه. وهو حق فردي يمارس بشكل جماعي (فرديا بالتعاون مع آخرين). يشمل تعريف التجمع: المهرجانات، والمسيرات، والاعتصامات، والاستعراضات، وتجمع المضربين عن العمل، والمؤتمرات العامة، والمواكب، وأشكال أخرى من التجمع.
ويجب ملاحظة أن الحق في الاجتماع أو التجمع في ممتلكات خاصة له حدود مرتبطة بحقوق الملكية.
ولذا، عندما ينشأ نزاع بين الحق في ممارسة حرية التجمع، وحقوق الملكية، يقيم القضاة الوضع ويأخذون في الاعتبار الظروف المحيطة بالقضية [9].
هذه الحدود سوف يتم تناولها في فصول هذا التقرير المتعلقة بالدول عندما تكون هناك حاجة إلى ذلك، وليس في هذه المقدمة نظر لطبيعة دورها في التقرير.
أشار مقرر التجمع السلمي في تقريره الأول إلى أن "التجمعات تلعب دور فعالا في حشد السكان، وصياغة المظالم والطموحات، وتسهيل الاحتفال بالأحداث، والتأثير على السياسة العامة للدولة" [10].
بناء على ذلك، تكمن أهمية هذا الحق في دوره الفريد والمهم في النظام الديموقراطي، لأنه يؤدي غرض ضمان الآراء في الشؤون التي تؤثر على الحيز العام من خلال التعبير عنها بشكل جماعي. بعبارة أخرى، تجسد حرية التجمع شكلا حقيقيا ومباشرا من أشكال المساهمة السياسية والاجتماعية والثقافية من أجل التعبير عن قيم مشتركة وآراء أو معتقدات، أو إعلاء شأنها، أو الدفاع عنها، وبالتالي تعزيز الحوار بين أصحاب مصالح مختلفة، وتسهيل التعايش بين جماعات متنافسة، وإعلاء شأن تطوير ديموقراطيات مزدهرة وصحية تكون الحكومات فيها منفتحة وخاضعة للمحاسبة. ولذا تعتبر حرية التجمع شكلا مهما من أشكال الديموقراطية المباشرة.
= = = = =
الهوامش
[1] مجلس حقوق الإنسان. قرار رقم 21/16، صادر في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2012 حول حرية التجمع السلمي وتكوين جمعيات. يمكن الاطلاع عليه على الرابط التالي:
[2] قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية ايفا مولنار مقابل هنغاريا. صادر في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2008، الفقرة 42.
[3] تقرير الممثل الخاص للأمين العام للأم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان (A/61/312)، بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2006، الفقرة 76. حول شرعية الاحتجاج الاجتماعي السلمي، انظر تقرير لجنة الدول الأميركية حول وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في القارتين الأميركيتين (2011). الفقرتان 106 و129.
[4] انظر دليل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشأن مراقبة حرية التجمع السلمي (2011) متوفر على الرابط التالي:
[5] انظر قضية ايزيلين مقابل فرنسا (11800/85)، بتاريخ 26 نيسان/أبريل 1991، الفقرات 35-37. وانظر جون ب همفري في حقوق الإنسان في القانون الدولي: قضايا قانونية وسياسة (المحرر: ثيودور ميرون). مطبعة كلارندون، أوكسفورد، 1984، المجلد 1، ص. 188. وانظر التعليق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لمانفرد نواك. ط 2، 2005، ص 371.
[6] حول دور وسائل الإعلام في التجمعات، انظر دليل مكتب المؤسسات الديموقراطية وحقوق الإنسان بشأن حرية التجمع السلمي (2010، وارسو، ط. 2، الفقرات 206-210، ص 98-100. الدليل متوفر على الرابط التالي:
انظر أيضا التقرير الثاني لمقرر التجمع السلمي، مجلس حقوق الإنسان (A/HRC/23/39) بتاريخ 24 نيسان/أبريل 2013، الفقرات 72-76.
[7] على سبيل المثال، القيود على حرية الحركة (مثلا القيود على السفر) يمكن أن تعيق مشاركة الأفراد والجماعات في التجمعات المختلفة الأنواع (أنظر جاكوبس، وايت، وأوفيه، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (2010) ص 457.
[8] التجمع العرضي (مثلا: أناس واقفون في طابور خارج دار سينما)، أو تجمع خاص لمجموعة من الأفراد أقيم لأغراض اجتماعية، كحفلة مثلا، لا يندرج ضمن نطاق حماية التجمعات. (تعريفات أخرى للتجمع من قبل مقرر التجمع السلمي، الملاحظة رقم 3 في الهامش، الفقرة 24. أيضا المبادئ التوجيهية/ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الملاحظة رقم 3 في الهامش، الفقرة 1.2، ص 16. تقرير الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول المدافعين عن حقوق الإنسان (A/61/312) بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2006، الفقرة 31).
[9] في قضية رفعتها شركة شيل-هولندا على السلام الأخضر الدولي، أصدرت محكمة أمستردام حكما يجيز لمنظمة غير حكومية احتلال محطات الوقود وتنظيم احتجاجات لمنع الوصول إلى مقر شركة شيل الرئيسي، طالما تم الالتزام بمبدأ التناسب (على سبيل المثال من خلال تحديد وقت لاحتلال المتظاهرين محطات الوقود)، لأن الاحتجاج على ممارسات تجارية مثيرة للجدل أمر مشروع، ويجب على الشركة أن تتوقعه (قضية شيل-هولندا مقابل السلام الأخضر، القضية رقم (525686/KGZA12-1250HJ/JWR) بتاريخ 5 تشرين الأول/أكتوبر 2012، الفقرة 5.9. انظر أيضا قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية سيس مقابل فرنسا بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2002، الفقرات 41-54.
[10] تقرير مقرر التجمع السلمي (2012)، الملاحظة رقم 3 في الهامش، الفقرة 24.
= = = =
للاطلاع على الدراسة الإقليمية كاملة، استخدم/ي الرابط التالي:
- See more at: http://www.oudnad.net/spip.php?article1206#sthash.wgWZTm3p.wZxZtSOQ.dpuf=1= المقدمة
حرية التجمع حق رئيسي في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومنصوص عليه مع حرية تكوين جمعيات في المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد أظهر الربيع العربي في الآونة الأخيرة أهمية ممارسة هذا الحق بالنسبة لحرية التعبير عن قيم ومطالب مشتركة، وكوسيلة أساسية للتأثير على السلطات التي تصنع القرارات.
ولكن عمليات الانتقال والإصلاح السياسي الجارية في دول حوض البحر الأبيض المتوسط كشفت مدى التحديات المتعلقة بممارسة حرية التجمع.
وفي أوروبا، تواجه الاحتجاجات الكبيرة ضد إجراءات التقشف تحديات مهمة، وتسن السلطات التشريعية عقوبات أقسى على المتظاهرين. وتشير التقارير مرارا إلى الإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين، وإجراءات تعسفية تشمل الحرمان من الحرية.
في هذا السياق، اعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الآونة الأخيرة عن قلقه من انتهاكات حرية التجمع. وأخذ بعين الاعتبار الاستنتاجات الواردة في التقرير الأول الذي قدمة المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات (سيشار إليه في المرات القادمة بمقرر التجمع السلمي)[1].
حرية التجمع مهمة للأفراد والمجتمعات من أجل التعبير عن الانتقادات، وإحداث تغيير، حتى (وخاصة) في الدول التي يفتقر نظامها السياسي للمعايير الديموقراطية الأساسية، كما أظهر الربيع العربي.
وكما أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فإن "أحد أهداف حرية التجمع ضمان وجود منبر للنقاش العام، والتعبير المفتوح عن الاحتجاج"[2].
ويجدر بالذكر أنه عندما ترتكب الجهات الفاعلة، الحكومية وغيرها، انتهاكات لحقوق الإنسان، فان إحدى الوسائل الأساسية للمدافعين عن حقوق الإنسان ممارسة حق التجمع، غالبا من خلال احتجاجات سلمية عامة [3].
إضافة إلى ذلك، غالبا ما يشارك نشطاء حقوق الإنسان في مراقبة التجمعات العامة، التي يمكن من خلالها أداء دور مهم كرقيب اجتماعي. على سيبل المثال، مراقبة حفظ أمن التجمعات والتفاعل بين المتظاهرين وآخرين معارضين لهم، وذلك من أجل إبلاغ السلطات عن القضايا المثيرة للقلق بخصوص حماية حرية التجمع [4].
في ضوء هذه الخلفية، غالبا ما يتم تقييد حرية التجميع عشوائيا، بحكم القانون أو الواقع، في كثير من دول المتوسط والعالم، خاصة في الدول التي تحكمها أنظمة متمسكة بالسلطة، بذرائع النظام والسلامة العامين.
ومن الشائع أن تؤكد السلطات أن التجمعات غير سلمية، أو أن تزعم أن منظمي التجمعات لهم نيات عنيفة (كادعاء أنهم أعضاء في منظمة "إرهابية"). ونادرا ما تكون هذه الادعاءات مدعومة بدليل.
إضافة إلى ذلك، وبعيدا عن القيود الرسمية، يتم في بعض الحالات مضايقة أو ترهيب منظمي التجمعات. وفي بعض الحالات التي يتم فيها اعتقال مشاركين في التجمعات، تحدث انتهاكات للحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في الحياة.
ينبغي التأكيد هنا، كما سيلاحظ ويحلل في سياقات عديدة في هذا التقرير، أن النساء لا يتمتعن بحق مساو للرجال في التجمع نتيجة قيود قانونية أو واقعية (بسبب عدم التكافؤ في فرص التعليم والعمل، وعدم التساوي في توزيع الواجبات المنزلية، والقيم الأبوية، والعنف على أساس النوع الاجتماعي (الجندر). هذه العقبات في طريق المشاركة النسائية في الحياة العامة والسياسية، وفي إطار التطبيق العملي لهذه المشاركة، قد تنطوي على خطر جسدي أو نفسي على النساء، يصل أحيانا إلى حد المضايقات والاعتداءات الجنسية.
=2= تعريف: أحد أسس المجتمعات الديموقراطية
تمثل حرية التجمع ركنا مهما لإنشاء مجتمعات تعددية ومتسامحة، لأنها تؤدي غرض السماح بالتعبير عن الآراء والمعتقدات والممارسات السياسية الثقافية والدينية، بما في ذلك الدور المهم المتمثل في التعبير عن آراء الأقليات أو وجهات النظر المختلفة.
ولذلك، هناك صلة وثيقة بين حرية التجمع وحرية التعبير، وهذا ما أكدت عليه مرارا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وخبراء عديدون [5].
ومن الواضح أن حرية التجمع وحرية تكوين جمعيات تعتمدان على بعضهما، وتعزز الواحدة الأخرى (وتطورهما تاريخيا كان جنبا إلى جنب) لأنهما تمثلان دعما لمشاركة الأفراد في الشؤون العامة، وبالتالي الأساس للمجتمعات المدنية وتطورها.
ولا بد من التأكيد أيضا على أن حرية الحصول على معلومات، ودور وسائل الإعلام الاجتماعية لهما علاقة بتحويل حرية التجمع إلى واقع، نظرا لأهمية الأمرين في تعميم المعلومات للإعلان عن التجمعات القادمة وتنظيمها، وكتابة التقارير عند حصولها [6].
إضافة إلى ذلك، لحرية التجمع صلة وثيقة بحقوق سياسية ومدينة أخرى [7]، واعتماد متبادل مع إعلاء شأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تعريف "التجمع" في هذا التقرير هو تجمع متعمد ومؤقت، وقد يكون ثابتا أو متحركا، في مكان عام أو خاص، وله غرض تعبيري مشترك يتجاوز حدود الحيز الخاص لكل فرد مشارك في التجمع [8].
تتضمن حرية التجمع حماية حق التحضير للتجمع، وإقامته، والمشاركة فيه. وهو حق فردي يمارس بشكل جماعي (فرديا بالتعاون مع آخرين). يشمل تعريف التجمع: المهرجانات، والمسيرات، والاعتصامات، والاستعراضات، وتجمع المضربين عن العمل، والمؤتمرات العامة، والمواكب، وأشكال أخرى من التجمع.
ويجب ملاحظة أن الحق في الاجتماع أو التجمع في ممتلكات خاصة له حدود مرتبطة بحقوق الملكية.
ولذا، عندما ينشأ نزاع بين الحق في ممارسة حرية التجمع، وحقوق الملكية، يقيم القضاة الوضع ويأخذون في الاعتبار الظروف المحيطة بالقضية [9].
هذه الحدود سوف يتم تناولها في فصول هذا التقرير المتعلقة بالدول عندما تكون هناك حاجة إلى ذلك، وليس في هذه المقدمة نظر لطبيعة دورها في التقرير.
أشار مقرر التجمع السلمي في تقريره الأول إلى أن "التجمعات تلعب دور فعالا في حشد السكان، وصياغة المظالم والطموحات، وتسهيل الاحتفال بالأحداث، والتأثير على السياسة العامة للدولة" [10].
بناء على ذلك، تكمن أهمية هذا الحق في دوره الفريد والمهم في النظام الديموقراطي، لأنه يؤدي غرض ضمان الآراء في الشؤون التي تؤثر على الحيز العام من خلال التعبير عنها بشكل جماعي. بعبارة أخرى، تجسد حرية التجمع شكلا حقيقيا ومباشرا من أشكال المساهمة السياسية والاجتماعية والثقافية من أجل التعبير عن قيم مشتركة وآراء أو معتقدات، أو إعلاء شأنها، أو الدفاع عنها، وبالتالي تعزيز الحوار بين أصحاب مصالح مختلفة، وتسهيل التعايش بين جماعات متنافسة، وإعلاء شأن تطوير ديموقراطيات مزدهرة وصحية تكون الحكومات فيها منفتحة وخاضعة للمحاسبة. ولذا تعتبر حرية التجمع شكلا مهما من أشكال الديموقراطية المباشرة.
= = = = =
الهوامش
[1] مجلس حقوق الإنسان. قرار رقم 21/16، صادر في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2012 حول حرية التجمع السلمي وتكوين جمعيات. يمكن الاطلاع عليه على الرابط التالي:
http://daccess-dds-ny.un.org/doc/RESOLUTION/GEN/G12/174/63/PDF/G1217463.pdf?OpenElement
[3] تقرير الممثل الخاص للأمين العام للأم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان (A/61/312)، بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2006، الفقرة 76. حول شرعية الاحتجاج الاجتماعي السلمي، انظر تقرير لجنة الدول الأميركية حول وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في القارتين الأميركيتين (2011). الفقرتان 106 و129.
[4] انظر دليل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشأن مراقبة حرية التجمع السلمي (2011) متوفر على الرابط التالي:
http://www.osce.org/odihr/82979?download=true
[6] حول دور وسائل الإعلام في التجمعات، انظر دليل مكتب المؤسسات الديموقراطية وحقوق الإنسان بشأن حرية التجمع السلمي (2010، وارسو، ط. 2، الفقرات 206-210، ص 98-100. الدليل متوفر على الرابط التالي:
http://www.osce.org/odihr/73405?do wnload=true
[7] على سبيل المثال، القيود على حرية الحركة (مثلا القيود على السفر) يمكن أن تعيق مشاركة الأفراد والجماعات في التجمعات المختلفة الأنواع (أنظر جاكوبس، وايت، وأوفيه، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (2010) ص 457.
[8] التجمع العرضي (مثلا: أناس واقفون في طابور خارج دار سينما)، أو تجمع خاص لمجموعة من الأفراد أقيم لأغراض اجتماعية، كحفلة مثلا، لا يندرج ضمن نطاق حماية التجمعات. (تعريفات أخرى للتجمع من قبل مقرر التجمع السلمي، الملاحظة رقم 3 في الهامش، الفقرة 24. أيضا المبادئ التوجيهية/ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الملاحظة رقم 3 في الهامش، الفقرة 1.2، ص 16. تقرير الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول المدافعين عن حقوق الإنسان (A/61/312) بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2006، الفقرة 31).
[9] في قضية رفعتها شركة شيل-هولندا على السلام الأخضر الدولي، أصدرت محكمة أمستردام حكما يجيز لمنظمة غير حكومية احتلال محطات الوقود وتنظيم احتجاجات لمنع الوصول إلى مقر شركة شيل الرئيسي، طالما تم الالتزام بمبدأ التناسب (على سبيل المثال من خلال تحديد وقت لاحتلال المتظاهرين محطات الوقود)، لأن الاحتجاج على ممارسات تجارية مثيرة للجدل أمر مشروع، ويجب على الشركة أن تتوقعه (قضية شيل-هولندا مقابل السلام الأخضر، القضية رقم (525686/KGZA12-1250HJ/JWR) بتاريخ 5 تشرين الأول/أكتوبر 2012، الفقرة 5.9. انظر أيضا قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية سيس مقابل فرنسا بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2002، الفقرات 41-54.
[10] تقرير مقرر التجمع السلمي (2012)، الملاحظة رقم 3 في الهامش، الفقرة 24.
= = = =
للاطلاع على الدراسة الإقليمية كاملة، استخدم/ي الرابط التالي: